انتشار الرواية دليل على سير المجتمع نحو الأفضل


الأدب جنس ينتمي إلى الفن، والفن هو ما يحتفظ بطائفة
من القيم الجمالية تمكنه من التأثير في نفس المتلقي.
ونستطيع بذلك أن نُعد الروايات من الفنون التي تؤثر
في النفوس. ولكن ماذا إذا أولت الروايات المضمون إهتماماً
أكبر من الجوانب الفنية فيها؟ ولماذا يحدث هذا؟

في الرواية السعودية ينصب العمل في معظمها على مضمون الرواية على حساب الجانب الفني . فإذا فتشنا عن السبب
وجدنا أن ذلك يعود إلى رغبة الكاتب والقارئ معاً في نقد
أوضاع اجتماعية لا يسمح سقف الحرية (المنخفض في الوطن العربي بشكل عام) بنقدها فلجأ الكتاب إلى تسجيل اعتراضاتهم عن طريق كتابة عدد كبير من الروايات التي تناقلها الناس عن طريق الانترنت أو تناقلوها بتهريبها من خارج الحدود إذا كانت ممنوعة.

وبالاطلاع على عدد منها مثل رواية (نساء المنكر) لسمر المقرن
أو (المطاوعة) لمبارك الدعيلج أو (عيال الله) لشيخ الوراقين أو (بيت الطاعة) لمنيرة السبيعي أو (سقر)لعائشة الحشر،
وجدناها كلها وبشكل عام تقاوم القيود التي فرضها المجتمع
على أعضائه باسم الدين.

وكنموذج على ما نقول نتناول بشيء من الإيجاز رواية عيال الله فنجد الكاتب يكاد يكون ناسخاً ينقل عن الواقع كثيراً مما يجري فيه من وقائع وجرائم وانتهاكات،والأحداث في تلك الرواية تحكيها لنا شاهدة محايدة لا تنحاز إلى أحد. إنها "وسادة"
نعم وسادة في أحد السجون. صارت تلك الوسادة قذرة لكثرة تناوب المساجين الذين ناموا عليها. وقد شاهدت تلك المخدة جلودهم وهي تنسلخ من شدة ضرب المطاوعة بخيزراناتهم تلك الجلود.

تستمر الرواية في نقد ظواهر اجتماعية عديدة مثل زواج المسيار والطلاق لعدم تكافؤ النسب. لكن في النهاية تبقى تسجلية ويقتصر الابداع فيها على قدرة الكاتب على جمع تلك الأحداث وتنسيقها ضمن عمل واحد. ذات الأمر ينسحب إلى كثير مما امتلأت بها أرفف المكتبات منذ بدء عاصفة الروايات السعودية بالهبوب. يستثنى من ذلك عدد يسير من الأعمال الممتازة سأتناول بعضها في مقالات مستقلة بشيء من التفصيل.

بالتأكيد تلك الأعمال دليل على رغبة الإنسان في النقد والتصحيح. أو لنقل أنها دليل على محاولة المجتمع للسير بالاتجاه الصحيح وذلك بفضح وانتقاد لممارسات الغير
شرعية التي قد تجري في بعض الأماكن. إذاً يبقى لتلك الروايات دورها التوعوي ورغبتها في التعبير عن أعضاء المجتمع الرافضين لبعض الممارسات غير الإنسانية داخل المجتمع وعن قضايا حياتية تؤثر على مستقبل الفرد والمجتمع.

بقلم : د. فايزة فؤاد المحمود