هل صحيح أنّ إحتساء الكاكاو يساعد على التخفيف من إرتفاع ضغط الدم؟ وهل تُسهم جلسات التدليك فعلاً في تبديد الإكتئاب؟ نعم هذا صحيح، والمتخصِّصون في الطب البديل يؤكِّدون أنّ العلاجات الطبيعية لا تقل فاعلية عن العقاقير الكيميائية.
الإضطرابات والمشاكل الصحية التي نواجهها في حياتنا اليومية، لا تستلزم دائماً لجوءنا إلى الأدوية التي لا تخلو من تأثيرات جانبية سلبية. فالطبيعة زاخرة بآلاف النباتات والعناصر التي من شأنها تخفيف عوارضنا، لا بل وشفائنا بالكامل. إضافة إلى هذه العناصر، تعتبر طرق العلاج الطبيعية، مثل الوخز بالإبر والرياضات الشرقية، وسائل فاعلة هي الأخرى في ما يسمّى الشفاء الآمن والطبيعي. والواقع أن طرق العلاج الطبيعية تلاقي يوماً بعد يوم مزيداً من الدعم من الدوائر العلمية العالمية، التي تنصح في معظم الأحيان باللجوء إليها كرديف للعلاجات الطبيعية المعتادة. ونورد في ما يلي عدداً من أبرز الوسائل الطبيعية لعلاج المشاكل الصحية:
1- التدليك لعلاج الإكتئاب:
من المعروف أنّ الإجهاد الذهني والنفسي يمكن أن يؤديا إلى الإصابة بالإكتئاب، لذلك ليس من المستغرَب أن يفضي العديد من الدراسات العلمية إلى الإستنتاجات نفسها، في ما يتعلّق بقدرة التدليك على تبديد الإكتئاب. ويعتقد البحّاثة أنّ التدليك يحث الجسم على إفراز الإندورفينات التي تحسِّن المزاج، وقد يكون ذلك إستجابة لكل من البُعدين الفيزيولجي والنفسي لعملية التدليك. ويشير بعض الدراسات إلى أنّ التدليك يتميّز بفاعلية العقاقير نفسها المضادة للإكتئاب، مثل البروزاك، في التخفيف من القلق، وهو عامل رئيسي من العوامل التي تفضي إلى الإصابة بالإكتئاب. فضلاً عن ذلك، يفيد العلاج بالتدليك في التخفيف من التيبس والألم، ويُسرع من شفاء الإصابات الناتجة عن ممارسة الرياضة.
2- الـ"تاي تشي" لتبديد الأرق:
مَنْ يتقلب في سريره ساعات طويلة قبل أن يتمكن من النوم، ومَنْ يستيقظ يومياً مع ساعات الفجر الأولى، يمكنه اللجوء إلى التاي تشي، وهو نوع من التمارين الرياضية البطيئة والتأملية، التي رأت النور في الصين منذ أكثر من 2500 سنة، كفنٍّ قتالي، ثمّ تطوّرت وأصبحت تمارَس اليوم بشكل واسع في القارة الآسيوية. ويقول البحاثة في الطب التكاملي والبديل إنّ ممارسة تمارين التاي تشي، تساعد على تحسين نوعية النوم لدى البالغين، الذين يعانون درجة متوسّطة من الأرق. وتَبيَّن في التجارب أنّ المصابين بالأرق يلمسون النتائج الإيجابية لهذه الرياضة الشرقية بعد مرور 16 أسبوعاً على ممارستها بانتظام. ويحتاج الفرد في البداية إلى الإلتحاق بصفوف خاصة بهذه الرياضة حتى يُتقن فنونها. وإضافة إلى تبديد التوتر ومكافحة الأرق، تساعد التاي تشي على تحسين التوازن والتخفيف من خطر السقوط.
3- البروميلان لمكافحة التورُّم:
سكان أميركا الجنوبية الأصليون كانوا يستخدمون البروميلان طوال القرن الماضية في مُداواة الجروح. واليوم تؤكد الدراسات الحديثة أنّ هذه المادة الطبية (المتوافرة اليوم على شكل أقراص) والتي تستخرج من فاكهة الأناناس، تساعد على تسريع شفاء الإصابات الحادة والجروح والكدمات. وهي تعمل عن طريق إيقاف إنتاج البروستاغلاندينز، المواد شبه الهورمونية الناتجة عن الإلتهابات، كما تساعد على تحسين انسياب الدم إلى المنطقة المصابة. وتجدر الإشارة إلى أنّ البروميلان يُعطى بشكل روتيني في ألمانيا المرضى قبل وبعد العمليات الجراحية، وذلك للتخفيف من التورم في موضع العملية الجراحية وحوله. وتنصح الدكتورة تيراوانا لودوغ، مديرة قسم الطب التكاملي في جامعة أريزونا الأميركية، بتناول أقراص البروميلان المغلفة بطبقة واقية تساعد على مرورها عبر الجهاز الهضمي. وتقول إنّ فاعلية البروميلان تظهر بعد مرور يوم أو يومين على تناوله. وبما أنّه يُسهم في سيلان الدم، فمن الضروري إستشارة الطبيب قبل أخذه في حالات تناول أية أدوية أخرى مسيلة للدم. والبروميلان هو أنزيم هضمي، (يستخدم أيضاً لتطرية اللحوم)، يُمكن أن يساعد أيضاً على التخفيف من عسر الهضم، إذا أخذناه مع الطعام.
4- الوخز بالإبر للتخفيف من الألم المزمن:
الأبحاث الحديثة تؤكِّد أن طريقة العلاج الصينية القديمة هذه، ذات فاعلية كبيرة في التخفيف من الآلام الناتجة عن سلسلة واسعة من الإضطرابات الصحية. فبعد الخضوع لمجرّد 6 جلسات من الوخز بالإبر، يرتاح معظم الأشخاص الذين يعانون آلام الرأس الناتجة عن التوتر، ويتخلصون من عوارضها. وتبيَّن في إحدى الدراسات الأميركية أن معالجة آلام أسفل الظهر بواسطة الوخز بالإبر، تؤدي إلى نتائج أفضل من تلك التي يتم التوصل إليها عن طريق الأدوية التقليدية. كذلك تبيّن أنّ الوخز بالإبر يخفف آلام الأشخاص الذين يعانون إلتهاباً في مفاصل الركبتين، ويُحسِّن قدرتهم على الحركة. ويقول المتخصصون في الطب الصيني التقليدي، إن غرز الإبر في نقاط محدّدة على طول مسارات أو ممرات معيّنة، يساعد على توازن وانسياب الطاقة في الجسم. أمّا العلماء الغربيون فيفسّرون فاعلية الوخز بالإبر قائلين، إنّ الإبر تحث الجسم على إفراز المواد المسكّنة الطبيعية لديه، ما يخفف من الألم. ومع تراجع درجة الإنزعاج، يتمكّن الأشخاص الذين يعانون إلتهاباً في المفاصل، وآلاماً في أسفل الظهر من القيام بتمارين بدنية تسمح لهم باستعادة قوتهم، ومرونتهم، وحركتهم.
5- غلوكوسامين وكوندرويتين:
هاتان المادتنان الطبيعيتان المستخرجتان من قشور السلاطعين، موجودتان بشكل طبيعي في النسيج الغضروفي الصحيح. وهما متوافرتان على شكل أقراص، وكانت فاعليتهما في بناء الغضاريف، وفي التخفيف من ألم المفاصل، موضع أخذ ورَدّ خلال العقود الماضية. غير أنّ الدراسات الحديثة جاءت لتؤكد أنّ الغلوكوسامين يكون أكثر فاعلية عندما نتناوله على شكل سلفات، ومصحوباً بالكوندرويتين. فقد تبيّن أنّ هذا المزيج يخفف الألم لدى الأشخاص المصابين بدرجات معتدلة وحادة من إلتهاب المفاصل، غير أنّه أقل فاعلية لدى الآخرين الذين يعانون حالات خفيفة من إلتهاب المفاصل.
6- الكاكاو لخفض إرتفاع ضغط الدم:
إنّ تناول الكاكاو (النوع الصافي الأسود، أي من دون حليب) يومياً لمدة أسبوعين على الأقل، يساعد على خفض إرتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون إرتفاعاً حاداً فيه. ويقول البحّاثة إنّ مواد نباتية فاعلة موجودة في الكاكاو، وتدعى إبيكاتشينز (واحدة من فئة الفلافونولز) تحسِّن وظائف الأوعية الدموية، وذلك عن طريق مساعدة جدران الشرايين على الإسترخاء. ويشير بعض الأبحاث إلى أنّ فاعلية الكاكاو على هذا المستوى متواضعة، غير أنّ هذا لا يلغي أهميته. وهذا يعني أنّه في الإمكان تناول الكاكاو إلى جانب العقاقير الخاصة بالتخفيف من إرتفاع ضغط الدم. وينصح المتخصصون الأشخاص الذين يرغبون في الاستعانة بالكاكاو، أن يتناولوه بمعدّل فنجان ساخن مرّتين يومياً، أي ما يضمن حصولهم على 450 ملغ من الفلافونولز. إضافة إلى ذلك، نعرف أنّ الكاكاو غني بمضادات الأكسدة، وهي عناصر مغذية تساعد على مكافحة السرطان، وتقوّي الجهاز المناعي، وتؤخّر ظهور عوارض الشيخوخة.
7- الشاي الأخضر لعلاج إلتهاب المفاصل الرثياني:
على الرغم من أنّ النتائج التي تم التوصل إليها حتى الآن، محصورة في التجارب المخبرية على الحيوانات، إلّا أنّ الأبحاث الحديثة تشير إلى قدرة الشاي الأخضر على تعزيز دفاعات الجسم ضد إلتهاب المفاصل الرثياني. فقد تبيّن أن تناول الشاي الأخضر يومياً لمدة 3 أسابيع، يقضي على إمكانية إصابة فئران المختبر بهذا المرض، بعد أن تلقت حقنة تحتوي على العوامل التي تسبّب الشكل البشري منه. ويعزُو البحّاثة هذه النتائج الإيجابية الى البوليفينولز، وهي نوع من مضادات الأكسدة موجودة في الشاي الأخضر، وتساعد على تقوية الجهاز المناعي. وهم ينصحون بتناول الشاي الأخضر كاستراتيجية وقائية عامة من مرض إلتهاب المفاصل الرثياني. ولكن بما أنّ الشاي الأخضر يحتوي على كمية صغيرة من فيتامين (K)، الذي يساعد على تخثر الدم، والذي يمكن أن يؤثر في فاعلية العقاقير المضادة للتخثر، يتوجّب على مَن يتناول مثل هذه الأدوية أن يستشير طبيبه قبل البدء في إحتساء الشاي الأخضر، إذ يتوجب على الأرجح تعديل جرعة الدواء التي يتناولها. وهناك فوائد أخرى عديدة للشاي الأخضر، منها أنّه يساعد على تخفيف الوزن، ويؤخِّر ظهور عوارض الشيخوخة.
8- الروديولا لمكافحة القلق:
تستخدم عشبة الروديولا، المعروفة أيضاً باسم الجذر الذهبي، منذ قرون في العديد من بلدان العالم، لاسيّما روسيا، الدول الإسكندنافية وآيسلندا، (تنمو في ظروف طبيعية قاسية) للتخفيف من حالات القلق وتقوية الصحة الذهنية والنفسية. وكانت دراسة نشرتها مجلة الطب التكاملي والبديل الأميركية قد أفادت أن تناول خلاصة العشبة، وهي متوافرة في المتاجر المخصصة لبيع المنتجات الصحية، يساعد فعلاً على إراحة المصابين بالقلق، كما يساعد على التخفيف من عوارض الإرهاق.
9- التنويم المغناطيسي للتخفيف من الهبَّات الساخنة:
تبيّن في الأبحاث الحديثة أن تواتر الهبّات الساخنة وحدّتها تراجعا بشكل ملحوظ لدى النساء، اللواتي خضعن لجلسات أسبوعية من التنويم المغناطيسي. ويقول الخبراء، إنّ التنويم المغناطيسي قادر على إدخال تغيير فعلي على الطريقة التي يتلقّى بها الدماغ الإشارات من الجسم ومن العالم الخارجي. ويعلِّق المتخصص الأميركي الدكتور ديفيد سبيغل، الأستاذ المساعد في الطب النفسي والعلوم السلوكية في مركز ستانفورد للطب التكاملي، فيقول إنّ التنويم المغناطيسي يُقنعنا بأننا نتمتع في الحقيقة بقدرة، أكبر ممّا كنّا نعتقد، على التحكم في المعلومات الداخلية والخارجية، مثل الحرارة، ومعالجتها. ويعطي سبيغل مثالاً على ذلك فيقول، إنّ التنويم المغناطيسي يمكن مثلاً أن يُوحي للدماغ بأن يخفف من حسّاسيته تجاه الحرارة، وعندما يفعل ذلك يتغيّر إدراك النساء، اللواتي يعانين الهبّات الساخنة لحرارة أجسامهنّ. من جهة ثانية، يمكن أن يساعد التنويم المغناطيسي على التخفيف من القلق والإكتئاب، كما أنّه يُحسِّن نوعية النوم.
10- الأحماض الدهنية لمكافحة حب الشباب:
إدخال تعديلات على النظام الغذائي، قد يُريح مَن يعاني حَبّ الشباب. فقد أظهرت الأبحاث، أنّ التوازن الجيِّد بين أحماض "أوميغا/ 3" و"أوميغا/ 6" الدهنية، يُمكن أن يساعد على التخفيف من الإلتهابات المرتبطة بالمشاكل الصحية الجلدية، مثل حَبّ الشباب والصدفية. والواقع أن نظامنا الغذائي الحالي غني جدّاً بأحماض "أوميغا/ 6" الدهنية، الموجودة في معظم المنتجات المصنّعة، مثل رقائق البطاطا والبسكويت، وهي لا تسهم في الإصابة بالمشاكل الجلدية فحسب، بل وفي الإصابة بأمراض القلب والسرطان والإكتئاب. وقد تصل نسبة أحماض "أوميغا/ 6" في الغذاء غير الصحي إلى 20 مقابل 1 لأحماض "أوميغا/ 3" الصحية. أمّا النسبة الصحية فهي 3 إلى 1، والنسبة المُثلى هي 1 إلى 1. ولزيادة نسبة أحماض "أوميغا/ 3" في النظام الغذائي، يجب تناول الأطعمة الغنية بها، وهي الأسماك الدهنية، الجوز والخضار الورقية الخضراء.