عاقبة الحسد

تاريخ التسجيل : 10/06/2011

كلُّنا يعرف أنّ الحسد مذموم بل هو مُحرَّم ، ونهايته وخيمة على الحاسد قبل المحسود وإليكم هذه القصة تعضيداً لما نقول
من ذلك ماحُكىَ أنّ رجلاً من العرب دخل على المعتصم فقرَّبه إليه وأدناه
وجعله نديمه ، وصار يدخل على حريمه من غير استئذان . وكان للمعتصم وزير
حاسد فغار من البدوىِّ وحسده وقال فى نفسه : ان لم احتمل على هذا البدوى
فى قتله ، أخذ بقلب أمير المؤمنين وأبعدنى عنه ، فصار يتلطف بالبدوى ، حتى
أتى به إلى منزله ، فطبخ له طعاماً ، وأكثر فيه من الثوم
فلما أكل البدوىُّ منه قال له : احذر أن تقترب من أمير المؤمنين ، فيشمّ منك رائحة الثوم فيتأذى من ذلك فهو يكره رائحة الثوم
ثمّ ذهب الوزير إلى أمير المؤمنين فخلا به وقال : يا أمير المؤمنين إنّ
البدوى يقول للناس : إنّ أمير المؤمنين أبخر وهلكتُ من رائحة فمه
فلما دخل البدوىُّ على أمير المؤمنين جعل كمّه على فمه مخافة أن يشم منه
رائحة الثوم ، فلما رآه أمير المؤمنين وهو يستر فمه بكمِّه قال : إن الذى
قاله الوزير عن هذا البدوى لصحيح
فكتب أمير المؤمنين كتاباً إلى بعض عماله يقول فيه : إذا وصل إليك كتابى هذا فاضرب رقبة حامله
ثم دعا بالبدوى ودفع إليه الكتاب وقال له : امض به إلى فلان ، وائتنى بالجواب
فامتثل البدوى مارسم به أمير المؤمنين ، وأخذ الكتاب وخرج به من عنده ،
فبينما هو بالباب إذ لقيه الوزير . فقال أين تريد قال : أتوجه بكتاب أمير
المؤمنينإلى عامله فلان ، فقال الوزير فى نفسه : إن هذا البدوى يحصل له من
هذا التقليد مال عظيم
فقال له : يابدوى ماتقول فيمن يريحك من هذا التعب الذى يلحقك فى سفرك
ويعطيك ألفى دينار ؟ . فقال البدوى : أنت الوزير وأنت الحاكم ، ومهما
رأيته من الرأى أفعل
قال : أعطنى الكتاب ، فدفعه إليه ، فأعطاه الوزير ألفى دينار وسار بالكتاب إلى المكان الذى هو قاصد
فلمّا قرأ العامل الكتاب أمر بضرب رقبة الوزير
وبعد أيام تذكر الخليفة فى أمر البدوى ، وسأل عن الوزير فاُخبر بأنّ له
أياماً ماظهر ، وأنّ البدوى بالمدينة مقيم ، فتعجب من ذلك وأمر بإحضار
البدوى فحضر
فسأله عن حاله فأخبره بالقصة التى اتفقت مع الوزير بما ليس لى به علم،
وإنما كان ذلك مكراً منه وحسداً وأعلمه كيف دخل به إلى بيته وأطعمه الثوم
، وماجرى له معه
فقال: يا أمير المؤمنين الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله
ثمّ خلع على البدوى واتخذه وزيراً وراح الوزير بحسده
يا إلهى سبحانك