تفسير الايه الكريمه( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال

تاريخ التسجيل : 21/10/2010

تفسير الايه الكريمه
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ( 72 ) ) سورة الاحزاب

قوله - عز وجل - : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال )

يتجلى فى هذه الايه الكريمه :

لما بين الله تعالى في هذه السورة من الأحكام ما بَينَ ،حيث أمر عباده بالتزام أوامره . ويقصد بالأمانة هنا فى الايه الكريمة( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال )
انها تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال التى فسرت الايه الكريمه ، وهو قول الجمهورمن الفقهاء وقد اختلف فيها المفسرون على عشرين قولا وبعضها متداخل في بعض ولنبتدئ بالإلمام بها ثم نعطف إلى تمحيصها وبيانها

. فقيل : الأمانة الطاعة ، وقيل : الصلاة أو : مجموع الصلاة والصوم والاغتسال ، وقيل : جميع الفرائض ، وقيل الانقياد إلى الدين ، وقيل : حفظ الفرج ، وقيل : الأمانة التوحيد ، أو دلائل الوحدانية ، أو تجليات الله بأسمائه وقيل : ما يؤتمن عليه ومنه الوفاء بالعهد ، ومنه انتفاء الغش بالعمل ، وقيل :إيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ، وصدق الحديث والعدل في المكيال والميزان ، وأشد من هذا كله الودائع وقضاء الدين . والغسل من الجنابة ، وما يخفى من الشرائع وقيل : الأمانة العقل ، وقيل : الخلافة ، أي خلافة الله في الأرض التي أودعها الإنسان كما قال تعالى *وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة*
سورة البقرة
الظاهر أنها كل ما يؤتمن عليه من أمر ونهي وشأن دين ودنيا
وفى قول
أبي الدرداء فقال :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خمس من جاء بهن يوم القيامة مع إيمان دخل الجنة : من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن ، وركوعهن ، وسجودهن ، ومواقيتهن ، وأعطى الزكاة من ماله طيب النفس بها " وكان يقول : وأيم الله ، لا يفعل ذلك إلا مؤمن ، وصام رمضان ، وحج البيت إن استطاع إلى ذلك سبيلا ، وأدى الأمانة ، قالوا : يا أبا الدرداء ، وما الأمانة؟ قال : الغسل من الجنابة ، فإن الله لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره .
اما عن
عبد الله بن عمرو بن العاص عن قصد الامانة :

(أول ما خلق الله تعالى من الإنسان فرجه وقال هذه أمانة استودعتكها ، فلا تلبسها إلا بحق . فإن حفظتها حفظتك ، فالفرج أمانة ، والأذن أمانة ، والعين أمانة ، واللسان أمانة ، والبطن أمانة ، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، ولا إيمان لمن لا أمانة له )

وقال السدي الامانة هى:

هي ائتمان آدم ابنه قابيل على ولده وأهله ، وخيانته إياه في قتل أخيه . وذلك أن الله تعالى قال له : ( يا آدم ، هل تعلم أن لي بيتا في الأرض ) قال : ( اللهم لا ) قال : ( فإن لي بيتا بمكة فأته ) فقال للسماء : احفظي ولدي بالأمانة ؟ فأبت ، وقال للأرض : احفظي ولدي بالأمانة فأبت ، وقال للجبال كذلك فأبت . فقال لقابيل : احفظ ولدي بالأمانة ، فقال نعم ، تذهب وترجع فتجد ولدك كما يسرك . فرجع فوجده قد قتل أخاه ، فذلك قوله تبارك وتعالى : *إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها *
*ولكن اعُترض على قول السدى من قبل البعض حيث قيل*

""وما أبعد هذا القول ، وليت شعري ما هو الذي سوغ للسدي تفسير هذه الآية بهذا ، فإن كان ذلك لدليل دله على ذلك فلا دليل ، وليست هذه الآية حكاية عن الماضين من العباد حتى يكون له في ذلك متمسك أبعد من كل بعيد وأوهن من بيوت العنكبوت""( اى قُصد فى هذا الاعتراض ان هذه الايه تفسيرها يرجع الى مغزى اكبر من قصه قديمة لعبدين من عباد الله( قابيل وهابيل) ولو كان للسدي دليل فلما لا يظهره ليثبت ان التفسير لهذه الايه هو ماقصده)

وعن عظمة الامانة
عن عبد الله بن مسعود ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القتل في سبيل الله يُكفر الذنوب كلها - أو قال : يُكفر كل شيء - إلا الأمانة ، يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له : أد أمانتك . فيقول : أنى يا رب وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقال له : أد أمانتك . فيقول : أنى يا رب ، وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقال له : أد أمانتك . فيقول : أنى يا رب وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقول : اذهبوا به إلى أمه الهاوية . فيذهب به إلى الهاوية ، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها ، فيجدها هنالك كهيئتها ، فيحملها فيضعها على عاتقه ، فيصعد بها إلى شفير جهنم ، حتى إذا رأى أنه قد خرج زلت فهوى في أثرها أبد الآبدين " . وقال : والأمانة في الصوم ، والأمانة في الوضوء ، والأمانة في الحديث ، وأشد ذلك الودائع

اما عن حكم إن فى الايه الكريمة فقيل ان

الافتتاح بحرف التوكيد إن للاهتمام بالخبر أو تنزيله لغرابة شأنه منزلة ما قد ينكره السامع

*واما عن قول عرضنا قال جماعة من العلماء :*

ومن المعلوم أن الجماد لا يفهم ولا يجيب ،( وقال بعض أهل العلم : َركب الله - عز وجل - فيهن العقل والفهم حين عَرض الأمانة عليهن حتى عقلن الخطاب وأجبن بما أجبن ). فلا بد من تقدير الحياة فيها ، .ولكن رفضت السموات والارض قبول تحمل الامانه وهذا واضح من الحديث ،فقولن : لا يا ربنا ، نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ، وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها لا معصية ولا مخالفة ، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما ولو ألزمهن لم يمتنعن من حملها ، والجمادات كلها خاضعة لله - عز وجل - مطيعة ساجدة له كما قال جل ذكره للسماوات والأرض : " ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " ( فصلت - 11 )

وعن ابن أشوع أنه قال :لما عَرض الله على السموات والارض حمل الأمانة ، ضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن ، وقلن : ربنا . لا طاقة لنا بالعمل ، ولا نريد الثواب .

وقال القفال وغيره :

العرض في هذه الآية ضرب مثل ، أي إن السماوات والأرض والجبال على كبر أجرامها لو كانت بحيث يجوز تكليفها لثقل عليها تقلد الشرائع لما فيها من الثواب والعقاب أي أن التكليف أمر عظيم حقه أن تعجز عنه السماوات والأرض والجبال ، وقد كلف الله الإنسان بها فقبلها وهو ظلوم جهول ولو عقل وهذا كقوله : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله

قال جويبر في حديثه :

فلما عرضت الامانة على آدم قال : أي رب وما الأمانة؟ قال : قيل : إن أديتها جزيت ، وإن ضيعتها عوقبت قال : أي رب حملتها بما فيها فتحملها آدم ، وقال : بين أذني وعاتقي ، قال الله تعالى : أما إذا تحملت فسأعينك ، اجعل لبصرك حجابا فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك فأرخ عليه حجابه ، واجعل للسانك لحيين غلقا فإذا غشيت فأغلق ، واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك :قال الجوبير ومجاهد : فما مكث في الجنة إلا قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس حتى عمل بالمعصية ، فأخُرج منها .

وقال بعضهم : المراد من العرض على السماوات والأرض هو العرض على أهل السماوات والأرض ، عرضها على من فيها من الملائكة
لكن ما هو العرض :

هو حقيقته إحضار شيء لآخر ليختاره أو يقبله ومثال لذلك عرض الحوض على الناقة ، أي عرضه عليها أن تشرب منه فإن تقبل او ترفض ،وفي حديث لابن عمر(رضى الله عنهما) انه قال : عرضت على رسول الله وأنا ابن أربع عشرة فردني وعرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني . وتقدم عند قوله تعالى *أولئك يعرضون على ربهم* في سورة هود ، وقوله *وعرضوا على ربك صفا * في سورة الكهف .
وقد قال ابن جرير : - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان
النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :

" إن الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء ، فأرسلوا به ; فمنهم رسول الله ، ومنهم نبي ، ومنهم نبي رسول ، نزل القرآن وهو كلام الله ، ونزلت العربية والعجمية ، فعلموا أمر القرآن ، وعلموا أمر السنن بألسنتهم ، ولم يدع الله شيئا من أمره مما يأتون ومما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بينه لهم ، فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح . ثم الأمانة أول شيء يرفع ، ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس ، ثم يرفع الوفاء ، والعهد ، والذمم ، وتبقى الكتب ; فعالم يعمل ، وجاهل يعرفها وينكرها حتى وصل إلي وإلى أمتي فلا يهلك على الله إلا هالك ، ولا يغفله إلا تارك ، والحذر أيها الناس ، وإياكم والوسواس الخناس ، وإنما يبلوكم أيكم أحسن عملا
هذا حديث غريب جدا ، وله شواهد من وجوه أخرى .

وقال قوم عن هذه الايه :
*إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها *

إن الآية من المجاز ، أي إنا إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السماوات والأرض والجبال ، رأينا أنها لا تطيقها ، وأنها لو تكلمت لأبت وأشفقت ، فعبر عن هذا المعنى بقوله . إنا عرضنا الأمانة
وقد عدت هذه الآية من مشكلات القرآن وتردد المفسرون في تأويلها ترددا دل على الحيرة في تقويم معناها . ومرجع ذلك إلى تقويم معنى العرض على السماوات والأرض والجبال ، وإلى معرفة معنى الأمانة ، ومعرفة معنى الإباء والإشفاق .

اماالتفسير فى قوله تعالى*( فأبين أن يحملنها وأشفقن منها )*

أي : خفن (السموات والارض) من الأمانة أن لا يؤدينها فيلحقهن العقاب

*(وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )*
*(وحملها )* أي : التزم بحقها ،
*( الإنسان )* يعني : آدم عليه السلام ،
*(إنه كان ظلوما جهولا )*
قال الكلبي : ظلوما حين عصى ربه ، جهولا لا يدري ما العقاب في ترك الأمانة .
وقال مقاتل : ظلوما لنفسه جهولا بعاقبة ما تحمل .
*(إنه كان ظلوما جهولا )* حكي عن الحسن على هذا التأويل : أنه قال :وحملها الإنسان يعني الكافر والمنافق ، حملا الأمانة أي : خانا . وقول السلف ما ذكرنا .
وقيل ظلوم لنفسه جهول لما يلزمه ، أو جهول لقدر ما دخل فيه كما قال سعيد بن جبير ، أو جهول بربه كما قال الحسن .

وفى النهاية
ادعوا الله ان يجعل هذا التفسير المجمع فى ميزان حسنات المفسرين جميعا وان يجعل لي نصيبا معهم وفى ميزان حسنات من قرأه وفهمه وأوصله لغيره
**تم تجميع بفضل الله تعالى هذا التفسير ** (ما اتفق عليه وما اختلف فيه)من
(1)
*التفسير الكبير المسمى البحر المحيط*
(أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي)
(2)
*التحرير والتنوير*
(محمد الطاهر ابن عاشور)
(3)
*تفسير الطبري*
(محمد بن جرير الطبري)
(4)
*فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية*
(محمد بن علي بن محمد الشوكاني)
(5)
*القرطبي*
(محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)
(6)
*البغوي*
(الحسين بن مسعود البغوي)
(7)
*ابن كثير *
(إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي)
غفر الله لنا ولكم امين

الموضوع الاصلي : تفسير الايه الكريمه( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال المصدر : منتديات الرومانسي

EyesMaha ; توقيع العضو